حيـــاة الخـــلاء
رمضان صلاح عباس
حياة الخلاء تعني الطبيعة بكل ما تحتويه من موجودات سواء كانت كائنات حية أو جماد ، نشاهد فيها ونلمس قدرة الله الخالق سبحانه وتعالى متمثلة في الأرض وما عليها من جبال وسهول ووديان وما فيها من بحار وانهار وما يعيش عليها من إنسان أو حيوان ونبات . ومتمثلة أيضا في السماء وما فيها من كواكب ونجوم وشمس وقمر وهي الحياة في أماكن لم تمسها يد إنسان بالتعمير أو التغيير ولقد اتخذت الحركة الكشفية منذ نشأتها من حياة الخلاء مجالا واسعا لتطبيق مختلف أنشطتها إذ أدركت أنها حياة الفطرة السليمة البعيدة عن زخرف المدينة الزائف هي عالم العقل الواعي والفكر المستنير والقيم الروحية ، يتعلم فيها الفتى كل مقومات الحياة على أسس واقعية ومبادئ سليمة .
وسيكون البحث في النقاط التالية :ـ
(1) أهمية حياة الخلاء بالنسبة للحركة الكشفية
(2) فوائد حياة الخلاء
(3) حقائق حياة الخلاء
(4) استخدام حياة الخلاء
أولاً - أهمية حياة الخلاء بالنسبة للحركة الكشفية :-
تتميز الحركة الكشفية بنشاطاتها الشاملة المتعددة ( حركية كانت أو أكاديمية ) حيث تتضمن مناهجها كل ما يتعلق بالجوانب الشخصية والثقافية والروحية والبدنية لتحقق في تكامل النمو المتوازن للفتى الكشاف .
إن مجتمعنا الحالي أو كما يسمونه ( المجتمع العصري ) غزته الآلة والتقنية المتقدمة المتطورة وأسهمت إلى حد كبير في تقليل التعبير الحركي في حياة الإنسان حتى لقد اصبح عبدا للآلة أسيرا لها فهو يسخرها في جميع نواحي الحياة الخاصة والعامة بل وحتى تفكيره . إزاء ذلك اصبح الإنسان يتطلع ويرنوا بفارغ الصبر إلى الأوقات الحرة التي يخلو فيها من العمل ليخرج من عالم الضوضاء والضجيج إلى حياة طالما تاقت إليها نفسه واشتد إليها حنينه ، هي حياة الخلاء ، حيث الهواء الطلق النقي والهدوء والراحة النفسية ، ليقضي فترة زمنية يغتنمها ويقتنصها ليسترح بها من معاناة المدينة ولينتزع نفسه من عالمة الروتيني التقليدي البغيض إلى عالم الفطرة السمحة حيث لا قيود على فكره وحركته في إطار من الخلق القويم والقيم الإنسانية .
ثانياً - فوائد حياة الخلاء :ـ
(1) تعتبر بيئة جديدة للفتى تختلف عن بيئته الروتينية
(2) تفسح المجال للفتى للحركة الواسعة المنظمة خاصة في العابة
(3) تعتبر مجالا للترويح عن النفس
(4) تهيئة الفرصة للتعامل مع موجودات الطبيعة بصورة افضل وامثل
(5) تفسح المجال لممارسة العمل اليدوي والأشغال العملية بشكل واسع بعيدا عن عالم الآلة خاصة في نشاطات التخييم وتطبيق فنون الخلاء
(6) تثير في نفس الفتى الكثير من التساؤلات عن طبيعة الكون وقدرة الخالق .
(7) تهيئ الفرص للعمل مع الجماعة ، فحياة الخلاء تلزم الفتى ان يتعاون مع زملائه في إنجاز أعماله وتحضير طعامه وتامين مسكنه ومنامه ، الآمر الذي تبرز به أهمية الجماعة بالنسبة للفرد .
(8) تكسب الفتى مهارات وخبرات جديدة خاصة في مجال دراسة البيئة والتفاعل معها والاستفادة من خاماتها ومجوداتها دون إلحاق الضرر بها .
(9) تهيئ للفتى الجو الصحي المناسب حيث الهواء النقي بعيدا عن جو المدينة الملوث
(10) تتيح للفتى فرصة قضاء فترة زمنية في جو من الهدوء والراحة النفسية عن ضوضاء المدينة .
(11) تنمي حياة الخلاء في الفتى قدرة الاعتماد على النفس عن طريق التحدي الذي يلقاه في البيئة في مجال خدمة نفسه والمحافظة عليها .
(12) في الخلاء تكون الفرصة متاحة للتدريب على التعاون وخدمة الآخرين وتوزيع العمل بين الأفراد وفقاً لقدراتهم .
(13) الخلاء عاملاً يقوي الاتجاهات السلوكية السليمة بين الأفراد كمراعاة آداب السلوك ومهارات العلاقات بين الأفراد ومراعاة حقوق الآخرين واحترامهم والتعاون معهم وحسن معاملتهم وتتأصل هذه الصفات في نفوسهم وتصبح من مقومات شخصيتهم.
(14) تشجعهم على مزاولة مهارات حركية وأنشطة بدنية ليكتسبوا بالممارسة الصحة والقوة إذ أن حياة الكسل تؤدي إلى الفشل وإلى إضعاف الصحة والأنشطة الرياضية تعودهم على التعاون والعمل وتدخل البهجة في نفوسهم .
(15) الخلاء ميدان عملي واسع للدراسة والتجارب عن طريق الملاحظة والمشاهدة .
ثالثاً - حقائق حياة الخـــلاء :-
1 ـ الأيمــان :
حياة الخلاء تتيح للفتى التأمل والتفكير فيما يحيط به من موجودات ، كيف وجدت ؟ ومن وجدها ؟ وتثير في نفسه الكثير من التساؤلات عن كنية هذا الكون وقدرة خالقة وصانعه .
أسئلة كثير تثور في ذهنه تتطلب إجابة شافية لتبعث في نفسه الهدوء والاطمئنان وهنا يبدأ الدور الهام للقائد وهنا تبدوا أهميته وتتضح كفأته وقدرته على غرس بذور الأيمان في نفوس فتياته بأسلوب سهل بسيط موضحا لهم ان خالق هذا الكون ومبدعه هو الله القاهر فوق عباده .القادر على كل شيء والذي آمره بين الكاف والنون يقل للشيء كن فيكون .
وعليه أن يوجه الفتى إلي الأيمان بالله وان يجعله يمارس شعائره الدينية بالقدوة الطيبة والأسوة الحسنة ، فالفرصة مواتية والجو ملائم ، فالخلاء مظهر فطري طبيعي بعيدا عن زيف المدينة ومعرياتها فهي بيئة صالحة للتأمل والتفكير ، ومحيط يثير الأيمان بالله وكتبه ورسله .
2 ـ اكتساب القيم من ممارسة نشاطات الخلاء :
حياة الخلاء تتيح للفتى سبلا جديدة للاحتكاك بالحقائق وواقع الحياة وتيسر له وسائل التعرف على أنواع جديدة من المطالب التي لا غنى له عنها ، نتيجة لاختلاف الحياة في الخلاء عنها في بيئته وبين آسرته من حيث سلامته ومن حيث تعاونه مع زملائه لإنجاز متطلبات وسائل أعاشته أقامته إنها ولاشك ظروف جديدة لم يسبق له ان اعتاد عليه أو مارسها من قبل بعيدة عن نمط الحياة الرتيب في المدن ، لاشك ان هذا الاندماج وذلك التفاعل مع الغير يؤدي إلى غرس القيم الأخلاقية السليمة تلقائيا وعن طريق غير مباشر .
3 ـ تقدير قيمة الأشياء بأهميتها الحقيقية :-
وبما لها من فائدة على الإنسان حيث تخلق في الفتى نمطا جديدا من القيم ويرتكز على الأصالة ولا يخلط بين المظهر والجوهر لأنه يتعامل في حياته الجديدة مع الجوهر الأصلي لحياة الخلاء الذي طابعه العمل .
4 ـ البحث عن الحقيقة :-
في حياة الخلاء يواجه الفتى عالما جديدا يتطلب فيه جهدا غير الذي اعتاد عليه ليتفهم هذا العالم وليكتف معهم ولهذا فانه يعمل على أيجاد تغيير جديد لما ظهر له من حقائق جديدة تجعله على استعداد من التخلص من المنهج القديم وعلى ان ينهج منهجا جديدا للعمل قائم على الفهم والإدراك .
5 ـ الشعور بالحرية :-
يحب الفتى حياة الخلاء بفطرته وغريزته لما فيها من حرية الحركة والانطلاق على سجيته بلا قيد أو موانع ، الآمر الذي يكون في اشد الحاجة إليه لتحقيق ذاته والإحساس بشخصيته ، فحياة الخلاء البدائية الطبيعية تناقض تماما حضارة مجتمع المدينة من حيث نشأة الفتى وتربيته ، فهي تفسح له المجال ليختار ما يتوافق مع احتياجاته النابعة من واقعة .
6 ـ تنمية الحواس :-
يستخدم المرء جميع حواسه في ملاحظة الأشياء والموجودات ومعرفتها على طبيعتها ، ما يكون قد اعتاد عليها وعلى رؤيتها مما يجعلها مألوفة لدية ومنها ما هو جديد يلفت نظره ويتطلب من الإمعان والتدقيق بل وقد يلزم معه التفكير أحيانا . والقائد الكشفي الناجح هو الذي يتيح لأفراده مشاهدة الجديد دائما ليشد انتباههم ويشحذ أذهانهم ويثير في نفوسهم عوامل الدهشة والتعجب وحب الاستطلاع . وليس كالخلاء باتساع رقعته وبكثرة محتوياته وبتعدد مجوداته فعن طريق حاسة البصر مثلا يلاحظ الفتى ويشاهد عجائب المخلوقات وروائع الطبيعة ، فيسبح بحمد الله الخالق المبدع كما إن حاسة اللمس وهذه الحاسة ترتبط بالمعاملة القريبة والإحساس المباشر تثير في نفسه التفكير المجرد إن يلمس ورقة شجرة أو حجر معين وهكذا بقية الحواس . حقا إن الخلاء ممارسة تنمي الحواس وتهذبها وتصنعها .
رابعاً - استخدام حياة الخلاء :
ان الاستخدام الأمثل لحياة الخلاء يولد في النفس الأمان والاطمئنان للخلاء ولهذا يجب ان نضع في الاعتبار أهمية زيادة اهتمامات الفتية بالمخيمات وإثارة الرغبة فيهم لحضور المزيد منها ولذلك يجب ملاحظة بعض الأمور الهامة ومنها :-
أولا : اختيار الموقع المناسب الآمن بحيث تتوافر فيه كافة الشروط الصحية والفنية .
ثانيا : توافر الاحتياجات الضرورية كالماء النقي للشرب والاغتسال والمواد التموينية والأخشاب
ثالثا : التدريب المتدرج عن حياة الخلاء فالطفرة السريعة قد تؤدي إلى نتائج عكسية فتنظيم رحلة طويلة شاقة لأول مرة أو إقامة مخيم لفترة طويلة لأول مرة في موقع لا تتوفر فيه الشروط إلى غير ذلك قد يعكس أثارا سلبية على الفتية مما يبعدهم عن حياة الخلاء .
فعلى القائد ان يبدأ بالتدرج مراعيا ما يأتي :
1 ـ البداية من السهل ، والتدرج إلى الأصعب في فترات .
2 ـ وضع أولويات ولابتداء بالأهم ، وعلى سبيل المثال إقامة الخيمة أهم من صنع وجبة الطعام .
3 ـ يضع نصب عينيه قدرة الأفراد البدنية والعقلية فلا يحمل أيا منهم مالا يطيق
4 ـ الممارسة الفعلية لحياة الخلاء أهم بكثير من التحدث عنها فيجب أن يكون القدوة في العمل وفي الأسلوب .
5 ـ ليكن البرنامج متناسبا مع قدرات الفتيان الجسمانية والعقلية .
6 ـ ليتضمن البرنامج فترات ترويحية مثل إقامة حفل سمر منظم يبعث المرح والسرور في أفراد الوحدة ويؤدي إلى ارتياح النفس بعد الجهد والتعب .
7 ـ المتابعة ضرورة خاصة لحديثي العهد بالخلاء .
8 ـ أعداد جميع الأدوات والإمكانيات المطلوبة لحياة الخلاء ، فالنقص فيها قد يفسد هذه الحياة .
أنشطة حياة الخلاء :-
• المخيمات الكشفية .
• الرحلات الكشفية .
• الرحلات العلمية .
• الرحلات العامة .
• الرحلات الخلوية .
• الرحلات الترفيهية .
الله يرحمك
ردحذف